القائمة الرئيسية

الصفحات

التدوينات

رحلة الإلحاد والشك في الإيمان - للمُدون عزالدين احمد

كتب المُدوِّن : عزالدين احمد

المُدوِّن عزالدين احمد

رحلة الإلحاد والشك في الإيمان مقال كتبته بمانسبة "بمناسبة اليوم العالمي للإلحاد" ..

في البداية قبل ما أتحدث عن الإلحاد والشك ينبغي أن نفرق بين الشك الذي أتبعه من كل من الدكتور مصطفي محمود -عليه رحمه الله والإمام الغزالي.. فهناك فرقًا شاسعًا بين من يبحث عن الحقيقة المطلقة ويحاول أن يجد لها حلاً مطلقًا.. وبين من يعاند ويغلق علي نفسه الدائرة ولا يريد الخروج منها ولايعترف بإمكانية الخروج منها وهذا مايسمي بلشك الإرتيبابي وتكون عادتًا بسبب الشهوات الدنياوية وإلي اخره ..


الإلحاد أو (الشك في الإيمان بشكل أعم) فتره مر بيها كُل من عالم وفليسوفًا وفقيهًا والقائمة تطول ..
كـ الدكتور مصطفي محمود -عليه رحمه الله- ظل ثلاثيين عامًا! يشكك بلخلق ليخرج لنا اليوم بعلمه الواسع وبكتبه التي ترد علي شهبات الإلحاد ومنهم كتاب "رحلتى من الشك الى الإيمان" الذي أنصح كل مسلم أن يقرأئه قبل الملحد ..
وكـ الإمام الفليسوف أبو حامد محمد الغزّالي وصف حجة الإسلام في كتابه (المنقذ من الضلال) كيف أصابته موجه الشك نتيجة التناقضات التي تعرض له في عصره بسبب التقليد الأعمي للاعتقادادت والقيم الموروثة.. وهذا أمرًا لايمكن تصوره لأنه مذاهب يناقض بعضها بعضًا.. فإما أن تصبح باطلة كلها أو تصبح احدها صحيحة والباقي باطلاً..
فرأي الإمام الغزالي أن لابد من الخوض في رحلة الشك حتي يستقل بفكره ويكون له رأئيًا في هذه المسئلة فلا خلاص إلا بالإستقلال والشك بالموروث!


وعبر عن ذلك بجملة عظيمة جدًا :- " إن الشكوك هي الموصلة للحقائق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بات في العمى والضلال".
بعدما أن رفض الغزالي المعلومات التي حصلها عن طريق الحواس بالتقليد والتلقين، اتجه إلى المحسوسات ينشد فيها اليقين، لكنه شك في المعرفة الحسية لأن الحواس عرضة للخطأ كما في خداع الحواس, ويضرب مثالاً على ذلك بأننا نرى الكواكب صغيرة جدا في مقدار الدينار لكن الأدلة الهندسية تثبت عكس ما نرى وأن الكواكب منها ما هو أكبر من الأرض. فمن أين الثقة بالمحسوسات ؟


ويقرر الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال أن الحواس تخدعنا، وأن المعارف الحسية بناءا على ذلك عارية عن اليقين, ولهذا فلا يمكن أن تعد علما حقيقيا ً. يقول في ذلك الغزالي: "من أين الثقة بالمحسوسات وأقواها البصر، وهي تنظر إلى الظل فتراه واقفا ً غير متحرك وتحكم بنفي الحركة؟ ثم بالتجربة والمشاهدة بعد ساعة تعرف أنه متحرك وأنه لم يتحرك دفعة بغتة, بل على التدريج ذرة ذرة, حتى لم تكن له حالة وقوف. هذا وأمثاله من المحسوسات يحكم فيها حاكم الحس بأحكامه, ويكذبه حاكم العقل ويخونه تكذيبا ً لا سبيل إلى مدافعته. فقلت قد بطلت الثقة بالمحسوسات أيضا ً".

فـ العقل البشري الذي أنعمه الله علينا لاتنفذ إليه أي ادلة أو براهن إلا من خلال نطاق محدود جدًا وعادتًا تكون حسب البيئة التي ولد فيها، لذلك أعتبر الجاحظ أن أراء الإنسان وعقائده هي غير إرادية، بل هي أشياء تفرض عليه فرضًا، وأنها نتيجة حتمية للطريق التي تكون بها عقلك وماعرض عليه من آراء ..
مثل الخيل الذي وضع إليه إطار فوق عينيه ليصبح لايري الأشياء إلا ما وضح له في مجاله وإطاره فقط، وهكذا نحن البشر، لانحسّ بوطأة الإطار الموجود فوق أعيننا، إلا في حالة واحده فقط! إذا تحررنا قليلاً منه، وكلما تحررنا أكثر وأكثر نيقن أن أفكارنا الخاصة يقينة وصرنا أقل تعصبًا لآرائنا وأكثر تواضعًا في تقبل الأختلافات بشكل أعم ..
إن لكل طائفة من البشر تعقد من نفسها أنها هي الصحيحة وأن قيمها هي المعيار الذي يميز بين الحق والباطل، كل منا يعيش في قوقعته البشرية، ويري الدنيا بمنظورة العاطفي ورغباته.
وكل ما ازداد الإنسان حنكة وتجارب في حياته ضعفت تلك النظرة وإن كانت لاتموت.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات