المدة التي يبقى خلالها الزيت على النار، تؤدي دورا كبيرا في تحلل الدهون، ومن ثم احتراقه وإطلاق الدخان.
جميع الزيوت التي نستخدمها في المطبخ لها نقطة احتراق أو تدخين (Oil smoke points)، عرّفها خبير الطهي نيك شارما -مؤلف كتاب معادلة النكهة- بأنها "درجة الحرارة التي يُطلق عندها الزيت الدخان، ويبدأ في فقدان نكهته ومذاقه وفوائده الصحية"، واعتبرت المدربة الصحية المعتمدة إميلي لورانس أن "تجاوز نقطة الدخان، أمر أشبه بحرق النقود".
ويحذر الدكتور جوزيف بروفوست أستاذ الكيمياء بجامعة سان دييغو، من "أن الزيت الذي يتم تسخينه بعد نقطة التدخين، قد يتسبب في تغيير مذاق الطعام، وجعل رائحته سيئة، كما يمكن أن يشتعل محدثا فوضى وأضرارا".
وأوصت خبيرة التغذية الألمانية كارين لورينتس، بعدم تخطي نقطة تدخين الزيت عند القلي، حيث "تتحلل المواد الدهنية عند درجة حرارة تزيد على 230 درجة مئوية، ويكون تصاعد الأدخنة دليلا واضحا على ذلك".
فرق بين المقلاة والفرن
ويؤكد بروفوست أن القاعدة تنطبق على استخدام الزيت في الأواني التي توضع على سطح الموقد كالمقلاة، لكن الوضع يختلف عند الطهي في الفرن، وذلك لوجود الكثير من الأشياء التي تساهم في امتصاص الحرارة، كالوعاء والطعام والماء أو الصلصة أو رطوبة اللحم أو الخضار.
ولكن عند الطهي على سطح الموقد، يجب الانتباه إلى دهون الطهي ذات درجة التدخين المتدنية، كالزبدة التي تبدأ بالتدخين عند درجة 120-150 مئوية (250-300 فهرنهايت).
درجات حرارة 7 من الزيوت الشائعة
يقول بروفوست "لأن مقياس درجة حرارة الزيت ليس متاحا للجميع، تُعد نقاط التدخين مقياسا"، ورغم صعوبة تحديد درجات الحرارة التي يصل عندها الزيت إلى نقطة التدخين، "لاختلاف أنواع الزيت من حيث التكرير، وعوامل أخرى"، فإنه أعطى أقرب درجات نقاط التدخين لـ7 من زيوت الطهي الشائعة، وهي بالدرجة المئوية:
- الكانولا: 205 درجات مئوية.
- زيت بذور القطن: 215 درجة مئوية.
- زيت دوار الشمس: 227 درجة مئوية.
- زيت الذرة: 232 درجة مئوية.
- زيت الصويا: 238 درجة مئوية.
- زيت الزيتون البكر: 238 درجة مئوية.
- زيت الزيتون المكرر: 242 درجة مئوية.
6 عوامل مؤثرة في نقاط التدخين
ووفقا للخبراء، هناك 6 عوامل قد تؤثر في وصول الزيت إلى نقطة التدخين، منها:
- نسبة تكرير الزيت: يوضح بروفوست أن "الزيوت البكر أو الخام تحتوي على كثير من مركبات النكهة التي تتساقط في الزيت مثيرة نقاط التدخين"، لذا نجد أن نقطة تدخين زيت الزيتون البكر الممتاز، أسرع بكثير من زيوت نباتية مكررة عديمة النكهة، كزيوت الذرة والكانولا ودوار الشمس.
وهو ما تؤكده الخبيرة لورينتس، بالقول إن "الزيوت الطبيعية يزداد احتواؤها على النكهة والبروتينات، أكثر من الزيوت المكررة. وتميل إلى الاحتراق أسرع". - قوة النار ومدتها: فبالإضافة إلى تأثير درجة حرارة الموقد على الزيت عند تسخينه، تشير لورينتس إلى أن "المدة التي يبقى خلالها الزيت على النار، تؤدي دورا كبيرا في تحلل الدهون، ومن ثم احتراقه وإطلاقه الدخان".
- نوعية الطعام: فبحسب لورينتس أيضا، "تؤثر نوعية الطعام الذي يتم قليه في سرعة تحلل مكونات الزيت، فتنشأ مادة الأكريلاميد عند درجات الحرارة العالية في الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات. كما يحترق الزيت أسرع، عند تحمير الأسماك المحتوية على الأحماض الدهنية غير المشبعة أوميغا 3".
- نسبة البروتينات والأحماض الدهنية: يقول بروفوست إن "البروتينات والأحماض الدهنية تُعد أكبر عامل مؤثر في الوصول إلى نقطة التدخين، فكلما زادت في الزيت، انخفضت نقطة التدخين".
وهو ما تؤكده الخبيرة لورينتس، قائلة "إن زيت الزيتون -على سبيل المثال- يحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية غير المشبعة، لذا يتسم بالقدرة على تحمل الحرارة، ومن ثم يتناسب مع التحمير، على عكس زيت دوار الشمس الذي يُفضل إضافته للأطعمة الباردة، كالسلطة". - الدهون المشبعة والأحادية غير المشبعة: فالزيوت التي تزيد فيها الدهون "المتعددة" غير المشبعة، مثل الكانولا، يكون لها نقطة تدخين أدنى، تليها الزيوت التي تزيد فيها الدهون "الأحادية" غير المشبعة، مثل الأفوكادو، فتكون نقطة التدخين متوسطة. أما الزيوت التي تزيد فيها نسبة الدهون المشبعة والأحادية غير المشبعة، كزيت النخيل وجوز الهند المكرر، فتكون نقطة التدخين أعلى.
ومن المفيد أيضا معرفة أن "الدهون الحيوانية مثل الزبدة، تحتوي على نقاط تدخين أقل من الدهون النباتية، بفعل مواد الحليب الصلبة المعرضة للحرق"، بحسب بروفوست. - تكرار الاستخدام: لأن نقطة تدخين الزيوت تنخفض نتيجة للطهي، مما يقتضي التخلص منها بعد بضع مرات من القلي. وتوصى كريستي ديل كورو اختصاصية التغذية المسجلة في جامعة نيويورك "بعدم إعادة استخدام زيت القلي أكثر من مرتين، حيث تعمل إعادة تسخين الزيت على تفكيك مضادات الأكسدة المفيدة من مادة البوليفينول، مما قد يؤدي إلى تكوين مركبات مسرطنة".
التأثيرات الصحية
وفيما يتعلق بالتأثيرات الصحية لزيوت الطهي المرتفعة الحرارة، فقد "تم ربط تسخين الزيوت بعد نقطة التدخين بتكوين مواد مسرطنة"، بحسب ديل كورو.
وتحدث الدكتور بروفوست عن "الأكرولين" (Acrolein)، كأحد المكونات الموجودة في دخان الزيت، والذي "يمكن أن يرتبط بالأحماض الأمينية في الجسم، مسببا تغيرات في الحمض النووي، مما يجعله مادة مسرطنة محتملة"، مؤكدا أن "التركيز، ومدة التعرض" هما الأساس في إحداث هذا التأثير. فمن يطبخون كثيرا، ويحرقون الكثير من الزيوت، ثم يستنشقون الدخان، يكونون في خطر أكثر.
أفضل أنواع الزيوت
وعندما يتعلق الأمر بالطهي، توصي اختصاصية التغذية المعتمدة كاثرين زيراتسكي، باستخدام الزيوت ذات درجات التدخين المنخفضة، مثل زيت بذور الكتان والجوز، لإعداد تتبيلات السلطات والصلصات. أما الزيوت مثل زيت الأفوكادو والزيتون والسمسم، فهي متعددة الاستخدامات، سواء للقلي أو لإعداد تتبيلات السلطات.
تعليقات
إرسال تعليق